قم بإدارة سيولة الشركة
يحرص الكثيرون من رواد الأعمال الأذكياء، على متابعة تدفقاتهم النقدية باستمرار، فهي بالنسبة إليهم أهم من أي شيء آخر، ولهذا نجدهم يحرصون على رصد بيانات العائدات المالية الشهرية وحتى الأسبوعية؛ ذلك إن الأرقام التي يحصلون عليها، تمكنهم من معرفة المبالغ التي تُدر إلى حساب الشركة والأخرى التي تُصرف، وكذلك معرفة فيما إذا كانت الشركة تحقق مبالغ أكثر مما تنفقه، وإن كانت التدفقات النقدية تدخل مرحلة الخطر والعجز، وبالتالي منحهم القدرة على اتخاذ القرارات الصحيحة في الوقت المناسب.
ولكن في المقابل، نجد أن هناك كثيرين ممن يعجزون عن إدارة تدفقاتهم النقدية، ونتيجة لذلك يجدون أنفسهم في مأزق نتيجة تأخر استلامهم للدفعات المستحقة، وعدم قدرتهم على تلبية احتياجات موظفيهم، واضطرارهم في كثير من الأحيان إلى دفع مبالغ طائلة من حساباتهم الشخصية لتغطية هذا العجر.
ولكن ليس هذا هو الحل، فالتدفق النقدي مهم لجميع الأعمال التجارية القائمة، وينبغي أن تتم إدارته في مراحل مبكرة، وفي حال لم تتمكن من فعل هذا الأمر في غضون السنة الأولى لمشروعك، عندها لن تستطيع النجاة في سنتك الثانية.
ولمساعدتك على فهم هذه العملية، وتنفيذها بالشكل الصحيح وفي الوقت المناسب إليك هذه النصائح لأهم الخبراء في هذا المجال:
دقة التوقعات هي الأساس
مما لاشك فيه أن خطوة توقع تدفقات السيولة النقدية، لا تزال تعد من أهم الأدوات عندما يتعلق الأمر بتوفير المعلومات أمام أي شركة في قنوات التوزيع؛ لما تشكله من منصة لاتخاذ جميع القرارات الأخرى. لذا نجد أنه من المهم تحليل سجل السداد للعملاء وأخذ ذلك بعين الاعتبار.
وفي سبيل ذلك، ابحث عن العملاء الذين يواظبون على السداد في الموعد، وحدد اللاعبين الأقل التزاما بالسداد، وأي منهم يمكن تشجيعه على تسريع سداده على أساس الحوافز التي تقدمها لهم. وينصحك الخبراء بضرورة عدم التفاؤل كثيراًعند وضع توقعاتك لتدفق السيولة النقدية لأنك على ضوء ذلك ستقطع على نفسك وعودا بالسداد لشركات التوريد التي تدين لها. وقد تكون في موقف محرج إذا ما لم تتمكن من الالتزام بالدفع لأحد الموردين أو طلبت الحصول على خصم على الدفع مقدما. من ثم تجد أنك لا تملك السيولة النقدية للقيام بذلك بسبب أن التوقعات الخاصة بالسيولة النقدية كانت خاطئة جدا.
احرص على أن تكون توقعات التدفق النقدي الخاص دقيقة. وبهذه الطريقة يمكنك التنبؤ بمواضع ظهور المشاكل، ويمكنك أن تكون سباقا لإيجاد الحل من خلال محاولة الحصول على السيولة النقدية في وقت مبكر.
التعرف على دورة المبيعات
من الضروري جداً إدراك كيفية عمل المنتج ودورات مبيعاته، ولهذا احرص على تقييم بيانات المبيعات على نحو أسبوعي، وليس شهرياً. وحاول أن تولي اهتماما كافياً بزمن وفترات الشحن. وإذا كنت تعمل في مجال التوزيع، احرص على إيجاد مدة زمنية ما بين طلب المنتجات ووصولها إلى مستودعك الخاص.
تابع تطورات الأسواق
الإدارة الجيدة للأسعار تعتمد بشكل أساسي على المعلومات المتوفرة عن السوق. عليك أن تكون على علم بما يقوم به منافسوك، والصفقات القائمة في السوق ذلك إن العملاء سيتناقشون معك في هذا الأمر لاحقا. وهذا لا يعني أن عليك دوما أن تقدم السعر الأقل. ففي بعض الأحيان يكون هناك سبب وجيه وراء إبرام صفقة ما في الأسواق، كأن تقدم شركة ما على التخلص من المخزون الزائد في عجلة من أمرها لتوفير السيولة النقدية.
وعند هذه النقطة، عليك اتخاذ قرار عقلاني بشأن ما إذا كنت تريد مجاراة هذه الأسعار أو السماح لهم بإبرام الصفقة وتحمل ما يترتب على ذلك، والانتظار حتى يكون المخزون لديك قد نفد وبيع لقاء السعر العادي خلال أسبوع.
تفهم مواضع إمكانية حدوث التأخير
لا مفر من التأخير في دورة الأعمال التجارية؛ إذ يمكن أن يحصل هذا التأخير في دورة طلب المنتجات. كما يمكن أن يحصل التأخير في دورة المبيعات لأنك لا تملك المخزون الكافي من المنتجات لتزود بها العملاء. وإلى حين التمكن من إتمام عملية البيع لا يمكنك الحصول على المبالغ النقدية لقاء ذلك، وهو ما سيترتب عليه تأخير في التحصيل. كل هذه العوامل تؤثر في تدفق السيولة النقدية، ولكن هذا لا يعني أنها ينبغي أن تستخدم كذريعة.
وبهذا الصدد يؤكد الخبراء أنك بحاجة إلى فهم هذه العوامل والمواضع التي يمكن أن يحدث بسببها التأخير، من ثم وضع خطط طوارئ للتعامل مع هذه الحالات. وعلى الرغم من أن الكثيرين ينتهجون أسلوباً علاجيا في الأعمال يعتمد على رد الفعل، وينظرون إلى إيجاد حلول على المدى القصير، إلا أنك بحاجة لاتخاذ منهجية وقائية استباقية في خطة عملك تمكنك من الاستجابة للأوضاع المحتملة.
بناء جسور التواصل مع شركات التصنيع
بطبيعة الحال، ترغب شركات التصنيع منك بيع أكبر كمية ممكنة من المنتجات التي تقدمها، ولكن من مصلحتها أيضا أن تنجح في بيعها بطريقة مربحة.
احرص على بناء علاقة منفتحة وصادقة مع هذه الشركات، بحيث تستطيع تفهم القضايا التي تواجهها في السوق. ويؤكد الخبراء أنه إذا تمكنت من تطوير علاقة قوية متعددة المستويات بحيث يمكنك فهم العمليات التجارية الخاصة بهذه الشركات، ودورات البيع والمنتجات لديها، وفي حال نجحت في تعزيز علاقة عمل قوية على جميع مستويات شركتك مع جميع مستويات شركة التصنيع، فإنك ستسير في اتجاه تعزيز الفرص والحد من المشاكل.
كن حذرا من مخاطر خفض الأسعار
أول ما تقدم عليه معظم الشركات من أجل حل مشكلة توفير السيولة النقدية هي السعي لزيادة المبيعات. وهناك عدة أساليب يمكن الاعتماد عليها لجني الأموال بسرعة في حال كان الطلب موجودا على المنتجات، منها تقديم حزم المنتجات، والحوافز الخاصة أو تخفيضات مباشرة على الأسعار. ومن جانبهم ينبه الخبراء إلى ضرورة توخي الحذر الشديد في ذلك؛ ذلك إن النجاح في ذلك يعتمد على فهم التضحيات المقدمة.
وعلى الرغم من أن أزمة السيولة النقدية لديك قد تكون على درجة من السوء، بحيث ينبغي عليك تحمل الكثير من الخسائر لتحويلها إلى سيولة نقدية؛ لتتمكن من تحقيق الأرباح في وقت لاحق والاستمرارفي العمل، إلا أنه ينبغي عليك أن تقف على جميع التفاصيل وتسأل نفسك : ماذا يمكنني أن أتحمل من خسارة؟ كم يمكنني أن أتحمل هذا التخفيض في الأسعار مقابل الحصول على السيولة؟ وما هي المشاكل التي يمكن أن تترتب على عدم توفر هذه السيولة؟ .
اجمع المال المستحق عليك
يشير الخبراء إلى أنه ليس على الشركات أن تخاف من إزعاج عملائها إذا لم يكن هناك سبب وجيه لتأخير الدفعات. ولهذا ينبغي عليك أن تذهب لهذه الشركات؛ من أجل تحصيل الدفعات المستحقة، وفي حال لم يكن هناك سبب وجيه لذلك، عندها بإمكانك اتخاذ القرار المناسب في متابعة التواصل مع هذا العميل أم لا.
عالج الأعذار حتى قبل سماعها
إذا كان هناك أية معوقات لتأخر الدفعات، عليك أن تعمل على معالجة أية أسباب للتأخير في أقرب وقت ممكن. ويلفت الخبراء إلى أن إحدى المشكلات الشائعة في منطقة الشرق الأوسط هي أن المبيعات فيها تتم على أساس الفاتورة وليس على أساس اتفاق مسبق (مثل 30 يوما من فاتورة الشراء تسدد بصورة أسبوعية) وهذا يعني في كثير من الأحيان أن الشركات لن تبدأ بمتابعة دفعاتها حتى يحين موعد السداد. وهذه ما تشكل عادة بداية أعذار العملاء.
ومن هنا ينصح الخبراء موظفي تحصيل الديون، بضرورة الاتصال بالعملاء قبل أسبوعين من موعد الاستحقاق على الأقل لإيجاد الوقت اللازم لأية استفسارات. وكبديل عن ذلك، يمكن تقديم تخفيضات نقدية ضمن هيكلية التسعير الخاص بالسداد النقدي لتشجيع الدفع الفوري.
الصدق أو السياسة الأفضل
إذا كنت تواجه مصاعب في الحصول على السيولة النقدية من العملاء فانظر فيما لو كان بإمكانك تمديد فترات السداد إلى الشركات الموردة أو الحصول على قرض قصير الأجل من البنك. ولكن عليك التأكد من إدارة ذلك بعناية، فتكرار التأخير أو الإخفاق في السداد في الوقت المناسب سيؤدي إلى التشكيك بمصداقية الشركة سريعا في الأسواق.
ولهذا فإنه من الضروري التزام الشفافية مع الجهات المعنية والكشف عن التحديات التي تواجهك في إدارة السيولة النقدية، و كن صادقا ومتعاونا مع الشركات الدائنة لأن من مصلحتها أن تبقَ وتستمر في مجال عملك في الأسواق. في حين أن غياب الثقة وعدم توضيح ما يمكنك سداده وموعد سداده قد يؤثر بدرجة أسوأ على أعمالك.
مكافأة الموظفين لتحفيزهم
احرص على أن يكون جميع الموظفين في مختلف الأقسام مرتبطين بحوافز تُمنح لهم على أساس ممارساتهم وسلوكياتهم الصحيحة.
لا تكتفي بتوظيف فريق البيع لمجرد البيع وجني الإيرادات، وتأكد من أنك تقيم عملهم على أساس ربحية الشركة، وإلمامهم بشروط السداد.
تأكد من أن تقييم مديري المنتجات يعتمد على مستويات المخزون، وتقييم موظفي التحصيل على أساس خفض سندات التحصيل الآجلة. كما عليك التفكير في ربط مكافآت السائقين بالتسليم في الوقت المحدد، لأن ما يجعل الزبائن سعداء بعد ذلك سوف يشجعهم على الالتزام بالدفع في مرات لاحقة.
ويؤكد الخبراء أيضاً أنه يجب أن تكون مكافآت الموظفين مرتبطة بأدائهم بداية من موظف الاستقبال و موظف تحصيل الديون ومراقبة التسهيلات الائتمانية ووصولاً إلى مديري المنتجات والمبيعات – على طول الطريق وجميع المستويات.
وتذكر دائماً أن العائدات المالية تدعوك للفخر، ولكن السيولة النقدية هي الأساس الذي تحتاجه للاستمرارية.