عمليات إدارة المخاطر في بيئة الأعمال التجارية
تنطوي جميع القرارات المتعلقة بأي نشاط تجاري على مخاطر محتملة، وفي سبيل التنبؤ بهذه المخاطر ورصدها، يعتمد أصحاب الأعمال التجارية، في أغلب الأحيان، على خبراتهم وحدسهم المسبق للقيام بذلك. ولكن هذا الأمر لاينجح دائماً، ولهذا فإنه من الأفضل بالنسبة إليك؛ لتوفير الحماية اللازمة لنشاطك التجاري، أن تستغرق وقتاً إضافياً للتعرف بشكل أعمق على عمليات إدارة المخاطر، وما الذي تشتمل عليه وكيف بإمكانك تنفيذها في محيط عملك لتلافي أي مخاطر مستقبلية.
إلى جانب ذلك، فإن توفر عمليات إدارة المخاطر في مكان العمل، تمنح رواد الأعمال مزيداً من الثقة عندما يتعلق الأمر باتخاذ القرارات الخاصة بأعمالهم.
ما المقصود بإدارة المخاطر؟
هي عبارة عن عملية تهدف إلى رصد المخاطر المحتملة التي تحيط بالقرارات التجارية. وعند تطبيق هذه العملية في محيط العمل، فإنك بذلك تقلل من هذه المخاطر التي تحمل بطياتها تأثيرات سلبية قد تؤثر على عملك، وفي المقابل ستساعدك هذه العملية على البحث عن الفرص التي يمكنها أن تحدث تأثيراً إيجابياً على نشاطك التجاري.
فوائد إدارة المخاطر بشكل صحيح
عند وضعك للقرارات التجارية الرئيسية، فإنه من الجيد بالنسبة إليك، أن تفكر بجميع المخاطر المحتملة التي قد تنطوي عليها، وكيفية التعامل معها حال حدوثها، وفي حال نجحت بإدارة المخاطر بشكل صحيح، عندها ستقلل من التأثيرات السلبية للأحداث غير المتوقعة على عملك.
إلى جانب ذلك، توفر الإدارة الصحيحة للمخاطر مزايا أخرى عديدة، من أهمها:
- تحسين علاقاتك مع العملاء والموردين والموظفين والمجتمع بشكل عام، من خلال فهم توقعاتهم وإدارتها بالشكل السليم.
- تعزيز ثقة الموظفين نتيجة ممارستهم للعمل في بيئة آمنة، توفر لهم التأمينات الصحية والتعويضات المالية، وتطبق السياسات والشروط اللازمة للحفاظ على حقوقهم.
- الحفاظ على خط سير العمل الخاص بك، أثناء حدوث الكوارث الطبيعية أو الإقتصادية، من خلال وجود خطة لإدارة الطوارئ.
- التقليل من تكاليف الالتزامات والتأمينات؛ نتيجة وجود خطر أقل من الأضرار.
- استغراق الوقت الكافي لإدارة المخاطر بشكل صحيح، يساعدك أيضاً في التخطيط للمخاطر الأخرى الأقل وضوحاً.
مثال توضيحي:
يمتلك أحمد واحداً من مطاعم الوجبات السريعة، وهو يدرك جيداً حجم المخاطر التي قد يتعرض لها الموظفون لديه من حيث أسطح الطهي الساخنة والأدوات الحادة في المطبخ. ولهذا قام بتدريبهم جيداً على كيفية استخدام الأجهزة والسكاكين بأمان للحد من خطر الإصابة. ومع ذلك، لم يخطط أحمد لانخفاض معدلات البيع لديه، بعد افتتاح أحد المطاعم المماثلة لنشاطه بالقرب منه.
وهنا نتوصل إلى نتيجة مفادها أن أحمد قد نجح في تقليل مخاطر تعرض موظفيه للأذى، ولكنه فشل في التخطيط للمخاطر الأقل وضوحاً المتعلقة بمشروعه.
المخاطر التي ينبغي عليك إدارتها
وفقاً للقانون فإنك مكلف بإدارة بعض المخاطرفي بيئة العمل، وهي تشمل:
- الحوادث والإصابات، حيث ينبغي عليك أن توفر بيئة عمل آمنة من خلال تطبيق قوانين الصحة والسلامة في مكان العمل.
- إصابة أو تضرر الموظفين، حيث ينبغي أن توفر بيئة العمل، التأمينات الخاصة بتعويض العمال.
- الإضرار بالبيئة، من خلال تلبية القوانين البيئية المُطبقة في بلدك.
خطوات عملية إدارة المخاطر
ينبغي أن تشمل عملية إدارة المخاطر المثالية الخطوات التالية:
أولاً: تحديد المخاطر وتقييمها
قبل اتخاذك لأي إجراءات لازمة للحد من المخاطر المتوقعة لنشاطك التجاري، فإنك بحاجة أولاً للتعرف على هذه المخاطر، وتحديد أيا منها يحتاج إلى التدخل السريع.
وهذه الخطوة من تقييم المخاطر تنطوي على هذه الخطوات الثلاث:
أولاً: تحديد المخاطر، وفي هذه الخطوة أنت بحاجة إلى ملاحظة جميع المخاطر التي قد تواجه عملك، ومن الأمثلة على ذلك:
- مراجعة الأحداث والمخاطر التي حدثت في الفترة الأخيرة.
- التغيرات المستقبلية المحتملة لبيئة العمل الخاصة بك، كالتغيرات في الاتجاهات الاقتصادية والقضايا الإجتماعية والمجتمعية التي قد تؤثر على عملك.
ولتحديد المخاطر المحتملة يمكنك أيضاً:
- البحث في سجلات المخاطر وتقارير الحوادث وملاحظات العملاء والشكاوي المسجلة وكذلك استطلاعات الرأي.
- مراجعة تقارير التدقيق مثل تقارير الحسابات المالية أو تقارير السلامة في مكان العمل.
- التحقق من نقاط القوة والضعف والتهديدات والفرص المتاحة لنشاطك التجاري.
- مناقشة القضايا المتعلقة بنشاطك التجاري مع الموظفين والعملاء والموردين والمستشارين.
التحليل: بعد التعرف على المخاطر المحتملة وتحديدها، يأتي دور اكتشاف مستوى خطورة كل واحدة من هذه المخاطر، وأي منها أكثر إلحاحاً ويستدعي تدخلاً فورياً، وللقيام بذلك تحتاج أولاً النظر في:
- الضرر الذي يمكن أن يتسبب به هذا الخطر( على سبيل المثال، خطر وجود عدد أقل من العملاء، يعني انخفاض المبيعات بالنسبة لعملك).
- احتمالية حدوث هذا الخطر(على سبيل المثال، يمكنك التفكير بدرجة التشابه بين نشاطك التجاري وأعمال الجهات المنافسة لك، وتحديد درجة ولاء وانتماء الزبائن لنشاطك).
بعد ذلك، ينبغي عليك العمل على نظام تقدير للأضرار وتصنيف احتمالية حدوثها، على سبيل المثال:
- يمكنك وضع تصنيفات للأضرار من 1-4 بحيث يكون( 1 للأضرار الطفيفة، 4 للأضرار الجسيمة)
- وضع تصنيفات لاحتمالية الحدوث من 1-4 بحيث يكون( 1 غير محتمل، 4 محتمل بشكل كبير)
وللتعرف على مستوى الخطورة لهذا الحدث، يمكنك استخدام هذه الصيغة الرياضية للحصول على النتيجة:
مستوى الخطورة = الضرر× احتمالية حدوثه
واستناداً إلى المثال السابق، فإن أدنى مستوى من المخاطر يمكنك الحصول عليه هو(1×1)، وأعلى مستوى من المخاطر هو(4×4)، وبهذا يمكنك استخدام مستويات المخاطر هذه لتصنيف المخاطر الخاصة بنشاطك التجاري من الأقل إلحاًحاً وصولاً إلى الأكثر إلحاحاً.
التقييم: وهنا ينبغي عليك مقارنة مستويات المخاطر للأحداث المختلفة وفقاً للمعايير الواردة في خطة إدارة المخاطرلديك. وهذه العملية تساعدك على اتخاذ قرار فيما إذا كنت ستقبل هذا الخطر أم لا. وكذلك ينبغي عليك معرفة فيما إذا كانت أساليب إدارة المخاطر المتوفرة لديك، تكفي لقبول هذه المخاطر، من ثم بإمكانك تحديد نوع الإجراء الواجب اتخاذه.
متى تقبل المخاطر؟
يختار بعض أصحاب الأعمال التجارية قبول المخاطر، عوضاً عن إنفاق أي مبالغ لتفاديها. وفيما يلي بعض الأسباب التي قد تدفعك لقبول المخاطر المحتملة:
- إذا كانت تكاليف المعالجة أعلى بكثير من النتائج المحتملة للخطر.
- إذا كانت درجة المخاطر منخفضة جداً.
- إذا كانت فوائد تحمل المخاطر تفوق إلى حد كبير الأضرار المحتملة.
ثانياً: مراجعة المخاطر ومعالجتها
تهدف هذه الخطوة إلى وضع الخطط اللازمة لمواجهة المخاطر غير المقبولة بالنسبة لعملك، ولهذا أنت بحاجة إلى مراجعتها ومعالجتها كي تتمكن من:
- تقليل أو إزالة احتمالية وقوع الأحداث السلبية وتأثيراتها.
- زيادة احتمالية الأحداث الإيجابية وتأثيراتها.
والأهم من ذلك كله، هو التعامل مع المخاطر الأكثر إلحاحاً أولاً.
وفيما يلي بعض الاستراتيجيات، التي يمكنك استخدامها لمعالجة المخاطر غير المقبولة لنشاطك التجاري:
- مشاركة المخاطر
وتعني أنه بإمكانك نقل جزء من مخاطر العمل أو مشاركتها على النحو التالي:
- شراء التأمين المناسب
- الدخول في شراكة
- الاستعانة بمصادر خارجية للقيام ببعض المهام( كالحصول على مستشار في تكنولوجيا المعلومات لإدارة احتياجات هذا النوع من التكنولوجيا).
- تقليل المخاطر
يمكنك تقليل المخاطر من خلال:
- تقليل فرص وقوع الأحداث السلبية أو زيادة الفرص الإيجابية لعملك.
على سبيل المثال، يمكنك الاستعانة بإحدى الشركات التي تقدم حلول تكنولوجيا المعلومات، لتقوم بتوفير نسخ احتياطية من البيانات الخاصة بعملك بانتظام في أكثر من مكان واحد، وهذا من شأنه تقليل فرص وقوع الأحداث السلبية كفقدان البيانات الخاصة بعملائك، وفي الوقت ذاته يمكن أن يزيد من فرص الحصول على المزيد من الزبائن؛ نتيجة إجراءات الأمن الإضافية.
- تجنب المخاطر
إذا كنت غير قادر على تقليل الخطر المحتمل إلى مستويات مقبولة، فإنه بإمكانك اتخاذ قرار تجنب النشاط الذي يؤدي إلى حدوث هذا الخطر. ولكن ينبغي أن يكون هذا هو الخيار الأخير بالنسبة إليك؛ ذلك إن تجنب هذا النشاط، قد يعني إضاعتك للفرص الإيجابية التي ستعزز من مكانة نشاطك التجاري مستقبلاً.
كيف يمكنك تطبيق عملية إدارة المخاطر في بيئة العمل؟
حتى تتمكن من البدء في هذه الخطوة، أنت بحاجة للتعرف على ممارسات إدارة المخاطر، وكيف بإمكانك تطبيقها في عملك، وأيضاً ينبغي عليك التحدث مع الأشخاص الآخرين في محيط عملك (بما في ذلك الموظفين والعملاء)، لاكتشاف أفضل الطرق لإدارة هذه المخاطر.
والأهم من ذلك كله أنت بحاجة إلى إعداد خطة إدارة المخاطر الخاصة بك، بحيث تتم دراستها جيداً ووضعها بالشكل الصحيح متضمنة جميع البنود والأقسام الضرورية.